في دين الله فمال قلبه إليها تأويلا منه لبعض متشابه آي القرآن ثم حاجّ به وجادل أهل الحق. وعدل عن الواضح من أدلة الآيات المحكمة إرادة منه بذلك اللبس على أهل الحق من المؤمنين وطلبا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك كائنا من كان وأي أصناف البدعة كان، من أهل النصرانية واليهودية والمجوسية أو كان سبئيا أو حروريا أو قدريا أو جهميا. وفي هذا السداد والصواب المتساوقان مع إطلاق العبارة القرآنية «١».
٧- ومن المؤسف أن كثيرا من المسلمين لم يتقيدوا بالتلقين الجليل الذي احتوته الآية والأحاديث وانصرف همهم الأكبر إلى الانشغال والجدل فيما يدخل في نطاق المتشابهات أكثر بكثير مما انصرف إلى المحكمات. والناظر في كتب التفسير المطولة يجد الشيء الكثير الذي يعكس ذلك الاهتمام ويجد الأقوال والروايات المعزوة إلى مسلمة اليهود وعلماء الأخبار والتي فيها كثير من الخيال والمبالغة والتناقض والكذب حول المتشابهات المذكورة هي التي تشغل الجزء الأوسع من هذه الكتب برغم ما فيها وما تؤدي إليه من تشويش وتغطية على المحكمات ورغم ما فيها من إشغال ذهن واستنفاد جهد على غير طائل ورغم تحذير كتاب الله ورسوله، وأدى ذلك إلى استمرار ذلك الانصراف والانشغال إلى اليوم حتى لا يكاد المتسائلون يتساءلون عن غيرها.
ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ. فهناك من حاول أن يستخرج من القرآن نظريات فنية ورياضية ووقائع تاريخية، مع أن كل ما جاء في القرآن من ذلك جاء بقصد التدعيم للمحكمات وبالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل لذلك بدون قصد لتلك النظريات والوقائع. حتى لكأن القرآن أصبح كتاب تاريخ وفن وهندسة