تفسير آيات الأنفال [٥٥- ٥٨] وآيات آل عمران [١٢- ١٣] ومما تضمنت الإشارة إليه آية سورة الحشر هذه: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ [٢]. فاحتوت الآيات ما احتوته من تكذيب لليهود في ذلك وتطمين للمسلمين على النحو الذي شرحناه. وقد انطوى فيها إشارة إلى ما كان من واقع أمرهم في معظم أدوارهم التاريخية من ذلّ ومسكنة وشتات مما هو مؤيد بقوة وبمقياس واسع بتاريخهم الذي فصّلته أسفارهم وعزته إلى انحرافاتهم الدينية والأخلاقية وأيّدته الكتب والروايات القديمة «١».
والآيات كما يبدو من هذا البيان متصلة بمشهد حجاجي بين المسلمين واليهود أو بالسياق السابق وحلقة من سلسلته كما يبدو من خلالها وصف ما كان عليه اليهود في مختلف أنحاء الأرض في عصر النبي ﷺ من جبن وذلّة ومسكنة.
لقد قال بعض المفسرين «٢» إن المقصود من تعبير مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ هم الذين آمنوا من النصارى ومنهم النجاشي كما قال بعضهم «٣» إنهم هم الذين آمنوا من اليهود. والذي نرجحه هو القول الثاني لأن الآيات والسلسلة السابقة لها هي في حق اليهود في الدرجة الأولى.
ولقد جاءت الآيات وبخاصة الفقرة الأولى من الآية الأولى التي تقرر أن المؤمنين بالرسالة المحمدية هم خير أمة أخرجت للناس في مقامها الذي هو في صدد اليهود ناسخة لكل ما ورد في الآيات القرآنية السابقة عن تفضيل بني إسرائيل
(٢) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.
(٣) انظر المصدر نفسه.