يجعلوا الحشر بعد آل عمران جعلوا الممتحنة غلطا «١».
ولما كان هذا عندنا في درجة اليقين لأنه قائم على واقع متفق عليه فقد رأينا أن نخلّ بالترتيب الذي تابعنا فيه المصحف الذي اعتمدناه وجلّ روايات الترتيب معا، فنجعل سورة الحشر بعد آل عمران بدلا من سورة الممتحنة ونقدم سورة الفتح التي يؤخرها الرواة كثيرا حتى يجعلوها الثانية والعشرين أو السادسة والعشرين والتي نزلت في حادث صلح الحديبية بدون أي مبرر ثم نجعل بعدها سورة الممتحنة لأن ذلك يتسق مع التسلسل الزمني لوقائع السيرة النبوية. وهو الذي قصدنا إليه حينما اعتزمنا على جعل تفسيرنا للسور وفق روايات ترتيب النزول.
هذا، ويسمي المفسرون سورة الحشر باسم بني النضير عزوا إلى ابن عباس وغيره «٢» لأنها نزلت في صدد وقعتهم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤)
. (١) من حيث لم يحتسبوا: من حيث لم يظنوا ويحسبوا حسابه.
(١) انظر كتابنا «سيرة الرسول» ج ٢ ص ٩، و «الإتقان» ج ١ ص ١٠- ١٢.
(٢) انظر تفسيرها في تفسير البغوي وابن كثير والخازن.


الصفحة التالية
Icon