بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ
على ما رواه المفسرون.
ومما روته الروايات كذلك أن النبي ﷺ احتاز من سلاحهم ثلاثمائة وأربعين سيفا وخمسين درعا وخمسين بيضة.
ولقد تعددت تأويلات المفسرين ورواياتهم لجملة لِأَوَّلِ الْحَشْرِ «١» فقيل إنهم سألوا النبي إلى أين نخرج فقال لهم إلى أول الحشر في الشام وقيل إن معناها (هذا هو الحشر الأول أي الجلاء الأول ويعقبه حشر ثان وهو ما تمّ في زمن عمر بن الخطاب) وقيل إن معناها أنهم لم يلبثوا أن استسلموا وقبلوا الخروج لأول ما حشر النبي عليهم واستعدّ لقتالهم. ولعلّ التأويل الأخير هو الأوجه لأنه لم يقع قتال بينهم وبين المسلمين، وهو المتّسق مع روحه الآية الثانية التي هي بسبيل تقرير ما كان من تيسير الله بخروجهم بسهولة وسرعة لم تكونا متوقعتين لأحد. وتأويل الجملة بأنها أول جلاء يهودي يتناقض مع ما هو متفق عليه من أن بني قينقاع كانوا أول من أجلي من اليهود على ما شرحناه في سياق سورة الأنفال.
وجملة ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ واسعة المدى والشمول وتدل على أنه كان من يهود بني النضير مواقف عديدة مؤذية ومزعجة تجاوزت مواقف الجدل والمناظرة في شؤون الدعوة بل وتجاوزت مواقف التشكيك والاستهتار والاستخفاف والطعن وأن محاولتهم اغتيال النبي كانت السبب المباشر. ولقد كان كعب بن الأشرف منهم وكان شاعرا فكان يهجو النبي والمسلمين بقصائده المقذعة ويشبّب بنسائهم حتى إن النبي انتدب المسلمين إلى اغتياله فلبّى الطلب بعضهم وذهبوا فاغتالوه. وكان ذلك قبل هذه الوقعة «٢».

(١) انظر الطبري والبغوي والزمخشري وابن كثير إلخ.
(٢) ابن سعد ج ٣ ص ٧٠- ٧٢، وابن هشام ج ٢ ص ٤٣١ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon