الغنائم والزكاة في سورتي الأنفال والمزمل.
ويتبادر لنا أن عمر رضي الله عنه اعتبر فقراء المسلمين من الفئات الثلاث بمثابة (مساكين) في معنى الكلمة الذي جاء شرحها في حديث نبوي رواه الشيخان عن أبي هريرة «ليس المسكين الذي يطوف على الناس تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكنه الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدّق عليه ولا يقوم فيسأل الناس». ويتبادر لنا كذلك أن عمر رضي الله عنه لا بدّ من أنه لحظ جمع مصارف الفيء وكان ينفق من إيراد السواد العراقي عليها حسب ما تقتضيه المصلحة وأن ما روي إنما كان لتطبيق مدى الآية وعدم توزيع الأرض على الفاتحين وإبقائها بمثابة الفيء والمصارفة والله تعالى أعلم. والمستفاد مما ذكره أبو عبيد أيضا أن عمر رضي الله عنه سلك في أرض الشام المفتوحة ما سلكه في أرض العراق.
هذا، ووصف الفئات الثلاث المخلصة في حدّ ذاته وصف قوي محبب وجدير بالتأمل والإجلال ويدل على ما كان من قوة إخلاص السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان لدين الله ورسوله وتحمّلهم معظم التضحيات في سبيلهما فاستحقوا ثناء الله العظيم في هذه الآيات وفي آية التوبة هذه وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) كما استحقوا ثناء رسوله ﷺ في أحاديث عديدة وردت في الكتب الخمسة منها حديث رواه مسلم عن أبي موسى جاء فيه: «أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون» «١». وحديث آخر رواه مسلم عن أبي موسى جاء فيه: «الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه» «٢». وحديث رواه
(٢) المصدر نفسه.