رسول الله في الفيء إلى العباس وعليّ رضي الله عنهما بعد أن أخذ عليهما عهدا بأن يجعلاه لجعل مال الله كما كان يفعل النبي ﷺ ثم أبو بكر من بعده ثم هو في السنتين الأوليين من عهده وقد اختلفا واختصما وراجعاه ليقضي بينهما فقال لهما اتئدوا. أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله قال لا نورث، ما تركنا صدقة. قالوا قد قال رسول الله ذلك. فأقبل عليهما وقال إني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خصّ رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره. وكانت خالصة لرسول الله، والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم فقد أعطاكموها وبثّها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ينفق على أهله نفقة سنتهم منه ثم يأخذ ما بقي فيجعله مال الله ثم توفي، فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضها فعمل فيها بما عمل به فيما رسول الله. وأنتما حينئذ جميع. والله يعلم إنه في ما فعل صادق بارّ راشد تابع للحق. ثم توفي أبو بكر فقلت أنا وليّ رسول الله وأبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر. والله يعلم إني فيه صادق بارّ راشد تابع للحق. ثم جئتماني كلا كما فقلت إنكما تعلمان أن رسول الله قال لا نورث نحن الأنبياء ما تركناه صدقة. فإن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله وأبو بكر وما عملت منذ وليت.
وإلّا فلا تكلماني فيها، فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما... أفتلتمسان قضاء غير ذلك. فو الله الذي تقوم السماء والأرض بإذنه لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فإني أكفيكماها». وفي هذا الحديث توضيح لنقطة مبهمة في حديث عائشة الأول الذي رواه الأربعة وهي تسليم عمر عليا وعباسا رضي الله عنهم جميعا صدقة النبي في المدينة فالحديث يوضح أن هذا بمثابة تولية من عمر لعلي والعباس لإنفاق الصدقة على النحو الذي كان يفعله النبي وأبو بكر من بعده وليس على سبيل كونها إرثا لهما وحقا شخصيا.
والطبري والبغوي من أئمة الحديث والراجح أنهما تثبتا منه «١».

(١) انظر تفسير آيات الفيء في سورة الحشر في كتابي تفسيرهما.


الصفحة التالية
Icon