وأبي يوسف وغيرهم. منها أن حكم هذه الجملة منسوخ بآية التوبة هذه فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وأنه لا يجوز المنّ على الأسير الكافر ولا الفداء، بل القتل أو الاسترقاق. ومنها أن الآية محكمة وأنها جعلت الخيار للإمام في المنّ والفداء.
وأن له أن يقتل أيضا لأن ذلك أبيح له في آية التوبة المذكورة آنفا. ومنها أن الآية لا تبيح القتل وحكمها هذا محكم، وللإمام أن يمنّ أو يفادي أو يسترقّ. ويلحظ أن هذه التأويلات هي اجتهادية. وغير متسقة مع فحوى الجملة التي تحصر الحكم بين المنّ والفداء حيث يكون قائلوها قد مزجوا بينها وبين أحكام قرآنية ونبوية أخرى. ولقد مارس النبي ﷺ أربع طرق مع الأسرى. وهي المنّ والفداء والاسترقاق والقتل على ما شرحناه في سياق تفسير آيات سورة الأنفال والأحزاب في أسرى بدر وبني قريظة. ومن صور المفاداة التي مارسها مفاداة مسلم بابن أبي سفيان وإيجاب تعليم بعض أبناء المسلمين على أسرى قريش الذين لم يكن معهم ما يفتدون به أنفسهم على ما ذكرناه في سياق تفسير آيات الأنفال. ولقد روى الترمذي عن عمران بن الحصين «أن النبي ﷺ فدّى رجلين من المسلمين برجلين من المشركين» «١» ولقد روى الشيخان والترمذي عن أبي هريرة حديثا فيه حادث منّ نبوي مع غير أسرى بدر وقريظة في سياق طريف رأينا إيراده جاء فيه قال أبو هريرة «بعث رسول الله ﷺ بخيل قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيّد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندي يا محمد خير. إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر. وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه النبي حتى كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثمامة قال ما قلت لك فتركه رسول الله حتى كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندي ما قلت لك فقال رسول الله أطلقوا ثمامة فذهب إلى
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٢٠