في سهم واحد من الأنصار فعرضت عليه أن يكاتبها أي تشتري نفسها منه فقبل وجاءت إلى النبي ﷺ تستعينه فعرض عليها أن يقضي عنها ثم يتزوجها فرضيت.
فلما عرف الناس قالوا إنهم صاروا أصهار رسول الله فأطلقوا ما في أيديهم من السبي فكانت أعظم امرأة بركة على قومها «١».
وتلخيصا لما مرّ وتعليقا عليه نقول أولا: إن القول بأن آية سورة التوبة الخامسة نسخت حكم آية سورة محمد فصار لا يصح للأسير الكافر إلّا القتل محل نظر. لأن الآية وإن كانت تأمر بقتل المشركين أنّى وجدوا فإن ذلك لا يتحمل أن يدخل فيه قتلهم بعد الأسر أيضا. وثانيا: إن الأحداث المروية تفيد أن النبي ﷺ مارس مع الأسرى أربع طرق حسب ما كان يراه من مصلحة الإسلام والمسلمين وهي المنّ والفداء (ويدخل مبادلة أسرى الكفار بأسرى من المسلمين في باب الفداء) والقتل والاسترقاق. منهما طريقتان نصّت عليهما آية سورة محمد وهما المنّ أو الفداء. وطريقتان حكت آية سورة الأحزاب [٢٦] أن النبي ﷺ مارسهما حكاية قد تفيد إقرارهما وهما القتل والأسر أي الاسترقاق. وقد جازت آيات سورة الأنفال [٦٧- ٦٩] الفداء أيضا.
وفي كتب التاريخ القديمة روايات كثيرة تذكر أن خلفاء رسول الله الراشدين وكبار أصحابه الذين تولوا حركة قمع الارتداد والفتوح كانوا يمارسون هذه الطرق حسب ما يرون فيه مصلحة الإسلام والمسلمين بحيث يصح القول إن هذه الطرق هي السنن الإسلامية القرآنية النبوية في صدد أسرى الكفار الأعداء الذين لا يسلمون قبل استرقاقهم وإن أولي الأمر مخيرون في ممارسة واحدة أو أكثر من هذه الطرق حسب ما تمليه مصلحة الإسلام والمسلمين. أما الذين يسلمون قبل تقرير استرقاقهم فيكونون قد تحرروا بالإسلام على ما يستفاد من حادث سبي هوازن الذي يتضمن أن النبي استرقهم قبل إسلامهم وإسلام ذويهم.