الذين شهدوا المجلس عما قال النبي من شيء جديد فهؤلاء قد طبع على قلوبهم بسبب كفرهم ونفاقهم وخبث طواياهم ففقدوا السداد والرشاد والإدراك وانساقوا وراء الأهواء بخلاف المؤمنين المخلصين الذين كان الله يزيدهم هدى وفهما لما ينبغي أن يتقوا به الله كلما شهدوا مجالس النبي وسمعوا كلامه ومواعظه.
وسؤال ماذا قالَ آنِفاً يحتمل أن يكون استخفافا وسخرية كما يحتمل أن يكون بقصد التأكد لأنهم لم ينتبهوا إلى ما كان يقوله النبي أو لم يعوه ويفهموه، وقد ذكر المفسرون الاحتمالين. وفي سورة التوبة آيتان قد تكونان من هذا الباب وتفيدان أن السؤال على سبيل السخرية والاستخفاف وهما هاتان وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥) حيث يصح الاستئناس بالآيتين لترجيح احتمال الاستخفاف والسخرية في السؤال الذي نحن في صدده.
وجملة وَمِنْهُمْ التي بدئت بها الآيتان تدلّ على أنهما معطوفتان على موضوع الكلام السابق أي الكافرين. حيث يفيد هذا أولا: أن الآيتين استمرار للسياق السابق. وثانيا: أن الكفار كانوا يجلسون إلى النبيّ ﷺ مع غيرهم.
ويستمعون إليه في العهد المدني أيضا.
وإذا صح هذا الاستنتاج فيكون هؤلاء الكفار من المعاهدين أو المسالمين وليسوا على كل حال من أعداء محاربين. ويكون في ذلك صورة من صور هذا العهد.
على أن هناك احتمالا بأن يكون هؤلاء من المنافقين أيضا. وفي آيات تأتي بعد قليل إشارات إلى مواقف المنافقين ومرضى القلوب وحملة عليهم وفضح لأخلاقهم ومكائدهم حيث يستأنس بذلك على هذا الاحتمال.
وهذا الاحتمال لا يقطع الصلة الموضوعية بين هاتين الآيتين والسياق