الرواية في مناسبة هذه الآيات لأن في أولاها إشارة صريحة إلى تلك المراجعة في حين أنه ليس في آيات النساء مثل هذه الإشارة.
ولقد تعددت روايات وأقوال المفسرين «١» في تخريج الآية [٢٢] فقال بعضهم إنها بمعنى «إنكم إن أعرضتم وتوليتم عن سماع القرآن وتنفيذ أوامره عدتم إلى جاهليتكم فأفسدتم في الأرض وقطعتم بذلك أرحام بعضكم» وقال بعضهم إنها بمعنى «إنكم إن نكلتم عن الجهاد عدتم إلى ما كنتم عليه من الفساد وتقطيع الأرحام» وقال بعضهم إنها بمعنى «إذا توليتم الأمور أفسدتم في الأرض وقطعتم أرحام بعضكم» بل وقال بعضهم. إنها في صدد ما فعله بنو أمية حينما تولوا الأمر حيث قتلوا بني هاشم وبذلك أفسدوا في الأرض وقطعوا أرحامهم.
وأثر التشيع بارز في القول الأخير وليس له أي محل في مدى الآية.
والقولان الأول والثاني هما أوجه من القول الثالث. وقد تبادر لنا تخريج نرجو أن يكون فيه الصواب وهو «إنكم إذا لم تنفذوا أمر الله وتصدقوا النية في الجهاد وتقابلوا فرضه بالرضا والطاعة تكونوا بذلك قد أطمعتم العدو وجعلتموه يفسد في الأرض ويعتدي عليكم ويقطع ما بينكم من الأرحام» والله أعلم.
وأسلوب الآيات قوي لاذع. يلهم ما كان لموقف مرضى القلوب والمنافقين في نفس النبي والمخلصين من أثر، وما كان يتوقع منه من شر وخطر ومفسدة.
وفيها تلقين قوي مستمر المدى بتقبيح وقوف أية فئة من الأمة موقف الجبن والفزع والإحجام والتخاذل وعدم التضامن مع المجموع في دفع البغي والعدوان وبيان ما ينجم عن ذلك من أخطار ومفاسد لا تسلم منها هذه الفئة نفسها لا في وطنها ولا في دمها ولا في ذويها.
ولفظ سُورَةٌ هنا قد يفيد أمرا قرآنيا أو جملة قرآنية على الإطلاق أكثر منه