تصرفاتهم ومواقفهم وأقوالهم تظل تفضحهم وتعريهم وتجعل النبي ﷺ والمخلصين يعرفونهم منها.
هذا، ومما لا شك فيه أن الآيات قد احتوت درسا وموعظة بليغة مستمرة التلقين وبخاصة للزعماء والحكام الذين يسوسون الناس ويتولون توجيههم في كيفية التصرف معهم مخلصهم ومترددهم ومنافقهم.
ولقد روى الطبرسي وهو مفسر شيعي في سياق الآية الثانية أن أبا سعيد الخدري قال «لَحْنِ الْقَوْلِ هو بغض عليّ بن أبي طالب. وقد كنّا نعرف المنافقين في عهد رسول الله ببغضهم له» وقال المفسر إن مثل هذا روي عن جابر ابن عبد الله وعبادة بن الصامت. ولا يوثّق المفسر رواياته بسند وثيق. ولم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. والهوى الشيعي واضح في هذا. وقد يكون حقّا أن بغض عليّ رضي الله عنه من علامات النفاق. ولكن ليس من محل للاختصاص بحيث يصح أن يكون من علامات النفاق بغض كل واحد من الرعيل الأول من أصحاب رسول الله ومن أقران عليّ أيضا وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم وغيرهم رضي الله عنهم.
وإذا كان هناك حقا حديث رواه الترمذي عن أم سلمة جاء فيه «كان رسول الله ﷺ يقول لا يحبّ عليا منافق ولا يبغضه مؤمن» «١» فهناك أحاديث أخرى من هذا الباب عن أصحاب رسول الله عامة وعن الأنصار خاصة منها حديث رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود جاء فيه «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه» «٢» وحديث رواه الشيخان ومسلم عن البراء عن النبي ﷺ قال «الأنصار لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله» «٣».
(٢) المصدر نفسه ص ٢٧٢.
(٣) المصدر نفسه ص ٣٤١.