وليس في السياق ما يلهم صحة هذا الاختصاص. والتعبير يتناول كل من وقف موقف الصّدّ والعداء والأذى من المسلمين والدعوة الإسلامية. ولقد ذكرت الآيات الأولى من السورة الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وأذنت بإحباط أعمالهم وأمرت المؤمنين بقتالهم. وروح هذه الآيات تلهم أن المقصودين هم كفار العرب. وما دام الوصف واحدا فيكون المقصودون هنا هم المقصودون هناك.
وفي الآية الأخيرة تقرير أو توكيد جديد لما نبهنا عليه مرة أخرى من أن الحملات القرآنية على الكفار وتقرير عذابهم الأخروي وكون الله لن يهديهم ولن يصلح بالهم وسيحبط أعمالهم إنما هي بالنسبة لمن يبقى على حاله كافرا صادا عن سبيل الله إلى أن يموت.
[سورة محمد (٤٧) : آية ٣٥]
فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥)
. (١) لن يتركم: لن ينقصكم، أو لن يحرمكم، أو لن يفجعكم فيها.
تعليق على الآية فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ... إلخ
لم نطلع على رواية خاصة في مناسبة نزول الآية. والمتبادر أنها استمرار للسياق. ومعطوفة بخاصة على الآيات السابقة لها مباشرة والتي وجّه الخطاب فيها إلى المسلمين.
وقد اختلفت التأويلات التي يرويها المفسرون عزوا إلى ابن عباس وعلماء التابعين للفقرة الأولى منها «١». فمنهم من قال إنها تأمر المسلمين بعدم دعوة
وأكثرهم رووا أكثر من تأويل من التأويلات المذكورة.