الأعداء ومراجعة أبيه للنبي ﷺ شاكيا أمره وفاقته فكان ينصحه بالصبر والإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فاتبع النصيحة النبوية فما عتم ابنه أن نجا من أسره وتمكن من استياق ماشية آسريه والعودة إلى أبيه سالما غانما فبادر الأب إلى النبي فأخبره الخبر فنزلت «١».
والفقرة جزء من آية، والآية جزء من آيات. والمتبادر من الآيات أن المعنى المنطوي في الفقرة متصل بها من حيث إن فيها أمرا بتقوى الله في معاملة الزوجات وطلاقهن وعدّتهن وإمساكهن بالمعروف أو مفارقتهن بالمعروف فاقتضت حكمة التنزيل أن ينبه المسلمون في سياق ذلك إلى ما في تقوى الله والتوكل عليه وتنفيذ أوامره والتزام حدوده من فوائد عظمى.
وهذا ليس من شأنه أن ينفي تلك الرواية. فمن المحتمل أن تكون صحيحة وإن لم ترد في كتب الصحاح. وأن رسول الله ﷺ تلافى مناسبة الموقف في الآية فالتبس الأمر على الرواة. والآية على كل حال قد انطوت على تطمين ربّاني لمن يكون تقوى الله والتوكل عليه ديدنه وشعاره في كل شيء ومن الجملة سلوكه مع زوجته.
هذا، وهناك حالة خطرت لنا. وهي أن يعرض للمطلقة حاجات تقتضيها الخروج أثناء عدتها من بيت زوجها مؤقتا إذا ما كانت تنوي العودة وعادت فعلا.
والذي يتبادر لنا أن الأمر بعدم إخراجها وبعدم خروجها هو في صدد الخروج النهائي الذي يفوت به فرصة سهولة المراجعة أثناء العدة على ما تلهمه الآيات.
وأن الخروج الموقت لحاجة طارئة والعودة بعد قضائها ليس من شأنه أن يتعارض مع ذلك وإن لها أن تفعله والله تعالى أعلم.
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ٤ الى ٥]
وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥).

(١) انظر تفسير ابن كثير والخازن والبغوي.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٢٢


الصفحة التالية
Icon