والذي نلحظ في صدد كون الرجم حكما قرآنيا نسخ تلاوة وبقي حكما وما ورد في ذلك:
أولا: إن نسخ حكم قرآني تلاوة مع بقائه حكما لا يمكن أن يفهم له حكمة وبخاصة في حد تشريعي خطير مثل حدّ الرجم.
ثانيا: إن النص المروي للآية مختلف فيه من جهة والرجم فيه خاص بالشيخ والشيخة ودون توضيح كونهما محصنين أو غير محصنين من جهة أخرى في حين أن أحاديث عمر تفيد أن الرجم عام على المحصن وأن الأحاديث المروية عن أمر النبي ﷺ برجم بعض الزناة المحصنين لا تخصص الشيوخ فقط بل وليس فيها شيوخ.
ثالثا: إن عمر أعدل من أن ترفض شهادته في صدد تدوين آية. وأقوى من أن يسكت عن ذلك. إذا كان متأكدا من قرآنيتها ومن كون النبي ﷺ توفي ولم تنسخ تلاوة وحكما. وهو الذي اقترح كتابة المصحف من جديد على أبي بكر وكان المشرف على ذلك على ما روته الروايات «١».
وكل هذا يجعلنا نتوقف عن الأخذ بأن الرجم تشريع قرآني قائم الحكم بهذه الصفة كما قد تفيد الأحاديث المروية عن عمر رضي الله عنه إلّا أن يقال إن قرآنا نزل بالرجم ثم نسخ ثم بدا للنبي ﷺ أن يشرعه للجميع على المحصنين فلا يقتصر على الشيخ والشيخة ولا يبقى مطلقا بحيث يكون للمحصنين وغير المحصنين.
ويكون والحكمة هذه تشريعا نبويا. ويكون ما روي عن عمر هو باعتبار ما كان أصلا وثبته النبي بعد نسخ قرآنيته لأن هذا لم يكن واضحا وعاما لا باعتبار الحال الراهن الذي هو تشريع نبوي. وقد يصح الاستئناس بحديث الحافظ أبي يعلى الذي فيه خبر عدم استجابة النبي ﷺ لطلب كتابة آية الرجم في مجلس فيه عمر نفسه وهو راويه حيث يكون في ذلك قرينة على أن آية الرجم بصيغتها المروية قد نسخت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

(١) انظر الإتقان للسيوطي ج ١ ص ٦٠- ٦٣.


الصفحة التالية
Icon