فنكتفي بهذا التنبيه دون التكرار أيضا.
حالة الإكراه والغصب
روى أصحاب السنن عن علقمة بن وائل عن أبيه «أن النبي ﷺ قال لامرأة أكرهت على الزنا فاذهبي فقد غفر الله لك» «١» وروى الترمذي حديثا جاء فيه «استكرهت امرأة على الزنا في عهد النبي ﷺ فدرأ عنها الحد وأقامه على الذي أصابها ولم يذكر أنه جعل لها مهرا» «٢». وروى مالك «أن عبدا زنى بأمة بالإكراه في زمن عمر فأمر بجلد العبد دون الأمة لأنها مستكرهة» «٣».
وليس في الأحاديث توضيح للاستكراه، ويتبادر لنا أنه لا يبرر سقوط الحدّ إلّا منع المدخول به عن المقاومة بصورة ما.
أما إذا هدّد بالقتل أو بما دون القتل فلا يبرّر ذلك موافقته والرضاء بما يفعل به، لأن عقوبة ذلك هي القتل إذا كانت الجريمة لواطا أو إذا كانت المزني بها محصنة ولا يصحّ لامرىء أن يوافق ويرضى بأمر بالتهديد فقط إذا كانت عقوبة ما يطلب منه بالتهديد مثل عقوبة الفعل. وإذا كان الإكراه أكثر احتمالا بالنسبة للمفعول به، فليس من المستحيل أن يكون حادث الإكراه على الفاعل أيضا. غير أن هذه الحالة تختلف عن الحالة السابقة. فالزاني واللائط هو المباشر للجريمة على كل حال وليس هنا محل لفرض التقييد «٤» ومنع المقاومة، والخضوع للتهديد والإكراه لا يعفي والحالة هذه من العقوبة لأنه لا يصح أن يتفادى القتل أو ما دون القتل بجريمة عقوبتها مثل ذلك، والله تعالى أعلم.
ومن قبيل الاستطراد نذكر أن هناك حديثين متناقضين في صدد إتيان البهيمة رواهما أبو داود والترمذي عن ابن عباس جاء في أحدهما عن النبي ﷺ قال «من

(١) التاج ج ٣ ص ٣٢.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) الموطأ ج ٢.
(٤) من القيد.


الصفحة التالية
Icon