(٢) المحصنات: من المفسرين من أوّلها بالمتزوجات ومنهم من أولها بالعفيفات.
احتوت الآيتان تشريعا بحقّ من يقذف المحصنات بالزنا. ولم يثبتوا قولهم بأربعة شهداء حيث أوجبت عليهم حدّا هو أن يجلدوا ثمانين جلدة ثم منعت قبول شهادتهم ووسمتهم بالفسق. مع استثناء الذين يندمون ويتوبون ويتلافون أمرهم بالإصلاح والصلاح فقد ينالون عفو الله الغفور الرحيم.
تعليق على الآية وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) والآية التالية لها
وقد روى الطبري أن الآيتين نزلتا في صدد ما كان من اتهام عائشة أمّ المؤمنين بما عرف في السيرة النبوية بحديث الإفك وما يأتي تفصيله بعد قليل.
وقد يكون هذا صحيحا. ومع ذلك فالمناسبة الموضوعية قائمة بين الآيتين وما سبقهما وما لحقهما. وهما في الوقت نفسه فصل تشريعي عام مستقل بذاته.
وظاهر النص هو إيجاب إقامة الحدّ على من يوجه تهمة الزنا إلى النساء ولم يثبتها بأربعة شهداء. غير أن الجمهور على أن هذا يشمل من يوجه هذه التهمة إلى الرجال ولم يثبتها كذلك حيث روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقام حدّ القذف على جماعة اتهموا رجلا بالزنا ولم يشهد أربعة على ذلك «١».
ومن تحصيل الحاصل أن يقال: إنه لا فرق في جريمة القذف بين أن يكون

(١) انظر ابن كثير والطبرسي والقاسمي. وقال ابن كثير إن هذا هو إجماع العلماء. والحادث رواه الطبرسي والقاسمي وتفصيله أن جماعة اتهموا المغيرة بن شعبة بالزنا فشهد ثلاثة وهم شبل بن معبد وأبو بكرة ونافع أنهم رأوه متبطنا المرأة. وكان ممن تقدم للشهادة زياد فلم يشهد شهادة مثل شهادتهم. فاعتبر عمر الثلاثة قاذفين وأقام عليهم الحد.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٢٤


الصفحة التالية
Icon