تعليق على الآية وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) والآيات الأربع التي بعدها
ولقد رويت في نزول هذه الآيات روايات. منها ما رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سمحاء، فقال النبي: البيّنة أو حدّ في ظهرك، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي يقول: البيّنة وإلّا حدّ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحقّ إني لصادق ولينزلنّ الله ما يبرىء ظهري من الحدّ فنزل جبريل بالآيات. فأرسل النبي إليهما فشهد هلال والنبي يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلمّا كانت عند الخامسة وقّفوها وقالوا إنها موجبة فتلكأت ونكصت حتى ظننّا أنها ترجع ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلّج الساقين فهو لشريك بن سمحاء، فجاءت به كذلك. فقال النبيّ: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن. زاد في رواية: ثم قضى بالولد للمرأة وفرّق بين المتلاعنين. ثم جرت السنّة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها» «١». وهناك رواية أخرى تذكر أن سعد بن عبادة زعيم الأنصار قال لرسول الله حينما نزلت الآية السابقة «يا رسول الله لو أتيت لكاعا قد تفخّذها رجل لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء فو الله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ الرجل من حاجته. فقال النبيّ يا معشر الأنصار أما تسمعون ما يقول سيّدكم. قالوا لا تلمه فإنه رجل غيور ما تزوّج فينا قطّ إلا عذراء ولا طلّق امرأة له فاجترأ رجل منّا أن يتزوجها. قال سعد بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حقّ ولكني عجبت، فما لبثوا قليلا حتى جاء هلال

(١) التاج فصل التفسير ج ٤ ص ١٦٤- ١٦٥. [.....]


الصفحة التالية
Icon