العلماء «١». ومنهم الإمام مالك الذي زاد على ذلك فأوجب إقامة الحدّ على الزوج إذا كذب نفسه وإلحاق الولد له مع الفرقة الأبدية «٢».
ومع أن المتبادر لنا أن التفريق الأبدي هو الأوجه والمستفاد من حديث ملاعنة هلال فإن رأي أبي حنيفة لا يتناقض معه لأنه ليس فيه صراحة قطعية. ولا يخلو من جهة أخرى من وجاهة أيضا إذا تحقق شرطه وهو تكذيب الزوج لنفسه حيث يكون في ذلك ردّ لكرامة الزوجة وسمعتها. غير أن الرأي الأول هو الأوجه.
ولا سيما إذا أخذ برأي الإمام مالك الوجيه فأقيم حدّ القذف على الزوج وألحق به الولد. فإن في ذلك ردّا أقوى لكرامة الزوجة. والله تعالى أعلم.
واللعان كما هو واضح إجراء قضائي. وقد جرى على يد النبي ﷺ وبأمره وفي مشهد علني. وينبغي أن يكون كذلك على يد ولي الأمر من بعده أو من ينوب عنه بطبيعة الحال.
وواضح من فحوى الآيات أن اللعان إنما يكون في حالة تعذر إقامة البينة على الزوجة. وأنه ليس له محل في حالة إمكان ذلك حيث يقام عليها الحدّ.
والجمهور «٣» على أن الزوجة إذا لم تشهد الشهادات الخمس بكذب زوجها أقيم عليها الحد. وهذا متسق مع فحوى الآيات.
ولقد اختلفت الأقوال في صدد الزوج الذي يتهم زوجته ثم ينكل عن الشهادة. فهناك من قال: إنه يعتبر قاذفا ويستوجب حدّ القذف. وهناك من قال:
إنه لا يحدّ وإنما يحبس حتى يلاعن «٤». والرأي الأول هو الأوجه فيما هو المتبادر. ومن الغريب أن هناك من قال «٥» هذا في صدد الزوجة التي تمتنع عن
(٢) الموطأ ج ٢ ص ٤٦.
(٣) انظر تفسير الخازن والبغوي.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) المصدر نفسه.