لا يجوز أن يخوضوا فيه وأن يحولوا دون ذيوعه وتوسع الكلام عنه.
(٨) وإن الله لينهاهم عن العودة إلى مثله أبدا إذا كانوا مؤمنين حقا. وإنه ليبين لهم الآيات ليتذكروا. وإنه لهو العليم بكل شيء الحكيم الذي يأمر بما فيه الحق والخير والمصلحة.
وهذا الحادث من الحوادث المهمة في تاريخ السيرة النبوية كان موضوع بحث وتمحيص وقيل وقال. ورويت فيه روايات عديدة وطويلة. وفي فصل التفسير في صحيح البخاري ومسلم والترمذي حديث طويل مروي عن عائشة أم المؤمنين احتوى تفصيل المسألة تفصيلا وافيا رأينا إيراده لما فيه من صور وفوائد. قالت «كان النبي ﷺ إذا أراد أن يخرج أقرع بين زوجاته فأيّتهن خرج سهمها خرج بها معه فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما نزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه. فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع أظفار «١» قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني «٢» ابتغاؤه فأقبل الرهط الذين كانوا يرحّلون لي فاحتملوا هودجي فرحّلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه.
وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهنّ اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفّة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السنّ فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه «٣» حين عرفني. فخمرت وجهي بجلبابي والله
(٢) حبسني: أخّرني.
(٣) قوله إنا لله وإنا إليه راجعون.