مرير في نفس النبي ﷺ والمهاجرين على ما سوف نشرحه في سورة (المنافقون) بعد هذه السورة. ومما يخطر في البال أن يكون ابن أبي بن سلول قد أراد في ما أثاره من حديث الإفك شفاء نفسه من النبي بهذه الإثارة.
ومع أن الآيات ليست بسبيل حكاية القصة كما هو واضح. وشأنها شأن ما ورد في القرآن من قصص وإشارات إلى حوادث السيرة أي أنها استهدفت التنديد والإنذار والعتاب والتذكير والعظة والتبرئة والتسلية على ما جاء في الشرح فإنها احتوت بعض الدلالات المتسقة مع المروي إجمالا كما أن فيها دلالة على ما كان للحادث وظروفه من آثار مؤذية ومزعجة. هذا مع توقفنا فيما روي من موقف النبي من عائشة وجفائه وما يوهمه هذا من احتمال شكه فيها. فإن الآيات لا تساعد على التسليم به نصا وروحا. وفي نفسنا كذلك شيء مما ورد عن موقف علي بن أبي طالب. فهو يطلب من النبي ﷺ أن يسأل الجارية وهي تصدقه مما يدل على أنه كان يعلم منها ما يريب في حين أنه لم يكن شيء من ذلك. ولا نود أن نصدق أن عليا رضي الله عنه يبيح لنفسه أن يشك في عائشة رضي الله عنها ويحرض النبي ﷺ على طلاقها بدون برهان وليس هناك برهان. ولقد أثير هذا حين نشبت الفتنة بين المسلمين بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وكان من صفحاتها الوقعة المعروفة بحرب الجمل التي كان في طرفها الأول علي بن أبي طالب وفي طرفها الثاني عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين حيث قيل فيما قيل على هامشها إن عائشة ظلت ناقمة على عليّ بسبب موقفه المذكور. ومعظم ما جاء في الروايات حول هذه الفتنة مشوب بالهوى الحزبي «١».
وأسلوب الآيات قوي في التنديد والإنذار والعتاب والتطمين والتسلية. ومن شأنه أن يثير الرهبة والخجل والندم في الذين تورطوا في حديث الإفك بأي شكل أو سكتوا عنه من جهة. وأن يبعث القناعة التامة في نزاهة أم المؤمنين ويهدىء