وفي المساجد وفي البيوت وفي الولائم وفي الحرب والجهاد. وأن النساء كن يأتين النبي وخلفاءه من بعده فيعرضن أمورهن أمام الرجال. واجتماع الرجال والنساء واختلاطهم يقع على أوسع نطاق في موسم الحج وفي مختلف مناسك هذا الركن الإسلامي من طواف وسعي ووقوف وإفاضة ورمي جمار والنساء في كل ذلك كتفا بكتف مع الرجال وهنّ سافرات الوجوه والأيدي. وهذه الحالة الأخيرة خاصة هي حالة إحرامهن حيث روى أصحاب السنن وأحمد عن ابن عمر قال «سمعت النبي ﷺ نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وماس الورس والزعفران من الثياب» «١».
ولقد روى الخمسة عن سهل بن سعد «أن امرأة باءت إلى رسول الله فقالت يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله ﷺ فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال هل عندك من شيء قال لا والله يا رسول الله قال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب فرجع فقال لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه.
قال رسول الله ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء. فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله موليا فأمر به، فلما جاء قال ماذا معك من القرآن قال معي سورة كذا وسورة كذا عددها قال أتقرؤهن عن ظهر قلبك قال نعم قال فاذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن» «٢».
[سورة النور (٢٤) : آية ٣٠]
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠)
. (١) يغضّوا: يخفضوا أو يصرفوا أبصارهم أو لا يطيلوا النظر.
(٢) المصدر نفسه.