الزوال لأن المرأة كالرجل سائرة في طلب العلم والمعرفة في كل الميادين. ويورد البعض الحديث الذي يذكر فيه «إن المرأة ناقصة عقل ودين». وقد أوردناه في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما يزيل الوهم من كونه عاما لجميع النساء. ويورد البعض الحديث الذي يندد بالقوم الذين يولون أمرهم امرأة. وليس هذا المقام هو محل إيراد هذا الحديث عند إنعام النظر والفكر. ويورد بعضهم الحديث الذي لعن النبي ﷺ فيه المتشبهين بالرجال من النساء والمتشبهين بالنساء من الرجال، ولسنا نرى في هذا نقصا لما نقرره لأننا لسنا قائلين بأن تضيع المرأة أنوثتها وطبيعتها وتتشبه في أطوارها وحركاتها وأزيائها بالرجال تشبها يذهب بتلك المعالم والطبيعة أو يعطلها. وما نراه يصح للمرأة المسلمة عمله إنّما يصح ويكون له معناه في حالة احتفاظ المرأة بهذه المعالم والطبيعة وفي سبيل ذلك.
ونريد أن نستدرك أمرا، وهو أن ما قلناه في صدد حق المرأة المسلمة أن تباشر وتمارس وتشهد كل عمل واجتماع مشروع ليس فيه ريبة شخصيا كان أم اجتماعيا أم سياسيا أم تكسبيا وأنه ليس هناك نصّ من كتاب وسنّة يمنع ذلك ما دام في نطاق التلقينات والحدود والرسوم القرآنية والنبوية، إنما نقوله لنقرر هذا الأمر من حيث المبدأ. وإننا لا نعني أن لا يكون لطبيعة المرأة الأسرية والاجتماعية ولا لطبيعة المجتمع الإسلامي من اعتبار. فنحن نعتقد أن مكان المرأة وعملها الطبيعيين والرئيسيين هما البيت والزوجية والأمومة ومشاغلها. وهذا مما يقرره كتاب الله وسنة رسوله صراحة وضمنا وهما مكان وعمل خطيران ومهمتان حيويتان في الحياة الإنسانية من مختلف الاعتبارات وليس فيهما أي حطّ لقيمة المرأة وشأنها أو تعطيل لقواها ومواهبها. والمرأة فيهما تقوم بما يماثل قيمة ومدى ما يقوم به الرجل من أعمال. وكل ما هناك من فرق هو اختلاف في النوع متأتّ عن اختلاف في الطبيعة الجنسية. ولقد اعتبرها النبي ﷺ ربة البيت والمسئولة عنه وراعية في الحديث الصحيح المشهور الذي رواه الخمسة عن ابن عمر «ألا كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته» حيث جاء فيه «والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم». وهذا ما تشعر به المرأة ظاهرا وخفيا وتسلّم به وتسعى في سبيله،