متصل بما جاء في الآيات السابقة. ومن المحتمل أن تكون الآية قد نزلت مع الفصل السابق أو عقبه فوضعت في ترتيبها، وإلّا فيكون ذلك بسبب التناسب الموضوعي.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الأمر على سبيل الندب والحثّ والاستحباب «١». كما ذهب بعضهم إلى أنه على الوجوب على كل قادر «٢».
وأسلوب الآية ينطوي على تلقين قوي بوجوب الزواج بصورة عامة حتى ليشمل الرقيق وحتى لينهى عن أن يكون الفقر أو ضيق الرزق عثرة في سبيله أمام الراغبين في الزواج والصالحين له من النساء والرجال بما فيهم العبيد والإماء. ولا سيما أن أكثر حالات الفقر ليست انعدام القدرة بالمرة، وإنما هي ضيق رزق مع القدرة على المهر والنفقة في نطاق الاعتدال أو الكفاف والكسب وهذا منطو في مضمون الآية ويؤيده أن الآية التالية ذكرت عدم الاستطاعة بالمرة. وفي كل هذا حكم اجتماعية وأخلاقية وإنسانية رائعة.
والمتبادر أن الأمر موجه بنوع خاص إلى أولياء الفتيات ومالكي الرقيق لأنهم هم الذين قد يكون المنع من جانبهم. ولعل مما ينطوي فيها إيجاب الاعتدال في المهور وعدم الشطط أمام حالة ضيق الرزق التي هي حالة الجمهور الأعظم من الناس. ولا تخلو في الوقت نفسه من حثّ جمهور المسلمين على المساعدة على تحقيق ما أمرت به الآية. وبخاصة الفقرة الأخيرة المشجعة التي جاءت في آخرها.
وهذا وذاك من جملة تلك الحكم البليغة السامية.
ولقد أورد البغوي في سياق هذه الآية حديثا نبويا مشهورا على ألسنة المسلمين جاء فيه «تناكحوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم». وحديثا آخر ورد في حديث طويل رواه الشيخان والنسائي جاء فيه «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالّوا فقالوا وأين نحن من رسول الله فقد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فقال أحدهم أما أنا فإني أصلّي الليل أبدا. وقال
(٢) ابن كثير.