ولما كان من بقي من اليهود في المدينة وهم بنو قريظة قد نكل بهم عقب وقعة الخندق على ما حكته بعض آيات سورة الأحزاب فيكون ذلك قرينة على أن بعض آيات السورة قد نزل قبل سورة الأحزاب أو على الأقل قبل فصلها الذي يشير إلى التنكيل بيهود بني قريظة.
وهناك مسألة مشتركة أخرى بين هذه السورة وسورة الأحزاب وهي عادة الظهار الجاهلية. فقد احتوى مطلع سورة الأحزاب تنديدا بهذه العادة ولكنه مترافق مع التنديد بعادة التبني الجاهلية. ثم احتوى تشريعا في إلغاء التبني دون الظهار.
في حين أن التنديد بالظهار في هذه السورة رافقه تشريع. بحيث يحتمل أن يكون تنديد سورة الأحزاب هو السابق كخطوة أولى ثم جاء التشريع في هذه السورة كخطوة ثانية وبحيث قد يصح أن يكون في هذا قرينة على سبق فصل سورة الأحزاب على فصل الظهار في هذه السورة: والله أعلم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١ الى ٤]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤). في الآيات:
(١) إشارة إلى حادث شكوى امرأة إلى الله ورسوله من زوجها ومجادلتها في حالتها وإيذان بأن الله قد سمع قولها وسمع المحاورة التي دارت بينها وبين النبي.
(٢) والتفات تعنيفي إلى الذين يظاهرون من زوجاتهم. ووضع للأمر في