عثمان وعليّ لأنهما كانا يكتبان الوحي» «١». وقد روي حديث عن ابن مسعود «أن رسول الله ﷺ كان يقول ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» «٢». وقد روى الشيخان والترمذي والنسائي حديثا عن أبي واقد قال «إن رسول الله ﷺ بينما هو جالس في المسجد والناس حوله إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان فوقفا على رسول الله فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله ﷺ قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فأواه الله وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه» «٣».
ولقد أراد بعضهم التوفيق بين الحديث الأول والحديثين الثاني والثالث من جواز القيام للقادم وعدمه، فقالوا إن السنّة هي كراهية القيام وإن أمر النبي ﷺ بالقيام لسعد بن معاذ قد كان لحكمة اقتضاها الظرف الخاص. ولقد أورد المفسر القاسمي فتوى للإمام ابن تيمية فيها كثير من الوجاهة. فقد قرر الإمام ما تقدم من جهة وحسّن القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقيا له من جهة. وقال من جهة ثالثة: إذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك بخس في حقه أو قصد لخفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له لأن ذلك إصلاح لذات البين وإزالة للتباغض والشحناء. فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما.
ولقد تطرق المفسرون كذلك إلى فضل الذين أوتوا العلم بمناسبة ورود العبارة في الآية فرووا أحاديث متعددة منها حديث عن أبي الدرداء قال «سمعت رسول الله ﷺ يقول من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم. وإن السموات والأرض والحوت في الماء لتدعو له. وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر

(١) من ابن كثير عن مسلم.
(٢) من ابن كثير.
(٣) من ابن كثير انظر أيضا التاج ج ١ ص ٥٣.


الصفحة التالية
Icon