انتظروا وصبروا حتى يخرج إليهم حين يحين وقت خروجه لكان خيرا وأفضل.
ومع ذلك فالله غفور رحيم يشمل أصحاب هذه الهفوة التي تصدر عن جهل وحسن نية بغفرانه ورحمته.
والآيات احتوت ثلاثة مواضيع متجانسة وتأديبية نحو شخص النبي ﷺ كما هو واضح. وقد روى المفسرون «١» لكل موضوع مناسبة خاصة. بل منهم من روى لبعضها أكثر من رواية ومناسبة. فرووا لمناسبة نزول الآية الأولى أو الموضوع الأول:
(١) أن وفدا من بني تميم قدم إلى المدينة فاقترح أبو بكر تأمير شخص منهم عليهم واقترح عمر تأمير شخص آخر فقال أبو بكر لعمر ما أردت إلّا خلافي ونفى عمر ذلك وتماريا حتى ارتفعت أصواتهما وكان ذلك في حضرة النبي ﷺ وقبل أن يسألهما رأيهما أو يبدي رأيه فكان ذلك سبب نزول الآية. وممن روى هذه الرواية البخاري عن عبد الله بن الزبير «٢».
(٢) وأنها نزلت بمناسبة صيام بعض المسلمين قبل أن يثبت هلال رمضان ويعلن النبي ﷺ وجوب الصوم.
(٣) وأنها نزلت بمناسبة ذبح بعضهم يوم عيد الأضحى قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم. ورووا لمناسبة الآية الثانية أو الموضوع الثاني أنها نزلت في مسلم اسمه ثابت بن قيس كان جهير الصوت فكان صوته يعلو على صوت الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد روى الشيخان في فصل التفسير أنه لما نزلت الآية جلس في بيته منكسا رأسه فافتقده رسول الله فقال له رجل أنا أعلم علمه فذهب إليه فسأله ما شأنك؟ قال شرّ، كان صوتي يرتفع فوق صوت رسول الله فحبط عملي وصرت من أهل النار، فأتى الرجل النبي فأخبره فقال اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة «٣».
(٢) التاج فصل التفسير ج ٤ ص ٢١٣- ٢١٤.
(٣) التاج ج ٤ ص ٢١٤. وفي التفسير رواية أخرى في نفس المآل وإنما تختلف في الصورة فلم نر ضرورة لإيرادها اكتفاء برواية الشيخين الوثقى.