للتلقين الذي نوهنا به آنفا. ولقد روى المفسر القاسمي أن قتادة قال «كان رسول الله ﷺ يقول التثبّت من الله والعجلة من الشّيطان» مما فيه تلقين متسق مع التلقين القرآني.
والجملة الأخيرة من الآية الثانية جديرة بالتنويه حيث انطوى فيها تنويه بالذين تتحقق فيهم الصفات المذكورة قبلها والتي تمنع صاحبها من الفسق والكفر والعصيان. وحيث ينطوي في هذا التنويه حثّ على هذه الصفات والتزامها.
ولقد أورد ابن كثير في سياقها حديثا رواه الإمام أحمد عن أبي رفاعة الزرقي قال «لما انكفأ المشركون يوم أحد قال رسول الله استووا حتى أثني على ربي عز وجل فصاروا خلفه صفوفا فقال اللهمّ لك الحمد كلّه. اللهمّ لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت. ولا هادي لمن أضللت ولا مضلّ لمن هديت.
ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرّب لما باعدت ولا مباعد لما قرّبت اللهمّ ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهمّ إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول. اللهمّ إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شرّ ما أعطيتنا ومن شرّ ما منعتنا. اللهم حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهمّ توفّنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين. غير خزايا ولا مفتونين. اللهمّ قاتل الكفرة الذين يكذّبون رسلك ويصدّون عن سبيلك واجعل عليهم رجزك وعذابك. اللهمّ قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحقّ»، حيث ينطوي في الحديث موقف دعائي جامع من مواقف رسول الله ﷺ فيه تعليم وأسوة للمسلمين فيما تمناه وسأله وعاذ منه. ومن جملة ذلك الاتصاف بالصفات التي احتوتها الجملة المذكورة.
هذا وجملة إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا مستند قرآني لاشتراط العدالة في المخبر والراوي والشاهد ووجوب ردّ من عرف بفسقه. والفسق كلمة عامة تعني الانحراف أو التمرّد عن كلّ ما أمر الله ورسوله به ونهيا عنه ورسماه من حدود إيمانية وتعبدية وأخلاقية واجتماعية.