عبارة الآية واضحة وفيها:
(١) أمر للمسلمين باجتناب الظنون والتخمينات والأخذ بها والحكم على الأمور بموجبها. فإنّ من الظنون ما هو خطأ يجرّ صاحبه إلى الإثم.
(٢) ونهي لهم عن البحث عن عورات بعضهم ومخفيات أمورهم وكشفها عن اغتياب بعضهم بعضا وذكره بالسوء في غيابه. وسؤال إنكاري على سبيل توكيد النهي عن الغيبة بخاصة عما إذا كان يحبّ أحدهم أن يأكل لحم أخيه ميتا. وتقرير لما هو طبيعي من كراهية ذلك.
(٣) وحثّ على تقوى الله ومراقبته والتوبة عن مثل هذه الأعمال البغيضة المكروهة المؤذية مع التنبيه على أن الله تعالى تواب يقبل توبة التائب ويشمله برحمته.
تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ إلخ وما فيها من تلقين وما روي في صددها من أحاديث
وقد روى المفسرون «١» أن الآية نزلت أثناء غزوة غزاها النبي. حيث ضمّ سلمان الفارسي إلى شخصين موسرين- وهذا من عادة النبي حينما يخرج إلى غزاة- ليخدمهما ويأكل معهما. فغلبته عيناه مرة فلم يجهز لهما طعاما فأرسلاه إلى النبي ﷺ فأرسله إلى أسامة بن زيد خازن المئونة فقال له ليس عندي شيء فأرسلاه إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فقالوا له لو أرسلناك إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان على أسامة ليعلما إن كان عنده طعام ومنعه وأخذا يغمزان سلمان ويغتابان أسامة فلما جاءا إلى رسول الله قال لهما ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا والله يا رسول الله ما تناولنا يومنا لحما قال بل ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة فأنزل الله الآية.