توجب على ربّ البيت المسلم أن يعلم أهله وأولاده ومماليكه ما فرض الله ونهى عنه ومن ذلك تعليم الأطفال الصلاة والصوم وحسن الأخلاق وأن يراقبهم في ذلك وأن يزجرهم ويقذعهم إذا ما أتوا معصية. ومنهم من عزا ذلك إلى ابن عباس. وفي هذا وجاهة ظاهرة.
وفي مناسبة جملة عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) نقول: إن شيئا من ذلك ورد في سورة المدثر وعلقنا عليه وعلى موضوع الملائكة في مناسبة بما يغني عن التكرار. وقد يكون ما تضمنته الآيات هنا من إنذار بالجزاء الأخروي للناس على أعمالهم والتحذير من عذاب النار من حكمة الأسلوب الذي وردت به العبارة القرآنية لأن فيه ترهيبا قويا، والله تعالى أعلم.
[سورة التحريم (٦٦) : آية ٩]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)
. وهذه الآية أيضا لا يروي المفسرون لها مناسبة فيما اطلعنا عليه. ومع أنها تبدو مستقلة عما قبلها وبعدها سياقا وموضوعا فليس من شأن هذا أن يجعلها في مكانها فذة. فقد تكون استطرادية بعد الآيات السابقة التي دعت إلى التوبة واجتناب عذاب الله وأشارب إلى مصير الكفار الأخروي وعدم جدوى اعتذارهم في يوم القيامة لتأمر النبي ﷺ بالوقوف- من الذين كفروا برسالته علانية وهم الكافرون وسرّا وهم المنافقون- موقف الشدة والمجاهدة. ولتنذر بمصيرهم الأخروي المحتم وهو جهنّم. ومثل هذه الاستطرادات غير نادر في النظم القرآني كما نبهنا عليه في مناسبات عديدة سابقة. ومما يمكن أن يسوغ هذا ما يبدو من صلة وثيقة بين الآيات التالية لهذه الآية والآيات السابقة لها بحيث يستبعد أن تكون هذه الآية فذة كما قلنا في مكانها لا تتصل بما سبقها وما لحقها اتصالا مباشرا أو غير مباشر والله أعلم.