(٤) وتنديدا وإنذارا لهم: فإن من لم يؤمن بالله ورسوله ويثق بهما ويكون طائعا سميعا لكل ما يأمرانه به يستحق ما أعده الله للكافرين من النار.
(٥) وتأميلا لهم مع ذلك ليرعووا ويثوبوا إلى رشدهم، فإن الله هو مالك السموات والأرض وهو متصف بالغفران والرحمة يغفر لمن اقتضت حكمته المغفرة له ويعذب من اقتضت حكمته عذابه.
وقد روى المفسرون أن الآيات نزلت في صدد أعراب بني غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم، الذين كانوا نازلين حول المدينة واستنفرهم النبي ليخرحوا معه إلى زيارة الكعبة حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فتثاقلوا وتخلفوا عن النفرة معه «١».
والرواية محتملة جدّا. وتكون الآيات على ضوئها متصلة بسياق آيات السورة وموضوعها الرئيسي ومحتوية على صورة من صور أحداث سفرة الحديبية من جهة وصورة من صور الأعراب ومواقفهم من جهة، وصورة لما كان يظنه الأعراب من مصير السفرة وهلاك النبي ﷺ والذين خرجوا معه من جهة. وكان يشارك الأعراب في الصورة الأخيرة المشركون والمنافقون أيضا على ما استلهمناه قبل من الآية [٦].
وسين المستقبل في حكاية أقوال المتخلفين دليل على أن الآيات قد نزلت قبل مواجهة النبي ﷺ لهم وقرينة على صحة رواية نزولها في طريق عودة النبي ﷺ من الحديبية إلى المدينة.
وقد يفيد هذا أن الآيات قد استهدفت ما استهدفته الآيات السابقة من تثبيت وتطمين المسلمين وإيذان الذين ثقل عليهم شروط الصلح بخاصة بما كان يقدره لهم الناس من الهلاك في السفرة على سبيل إبراز ما كان من توفيق الله فيها من فرض شخصيتهم ومدافعة أعدائهم لهم بالهدنة وعودتهم سالمين معافين.
وليس في الرواية ما يفيد أن الأعراب المتخلفين كانوا مسلمين أو غير

(١) انظر تفسير الطبري والبغوي والطبرسي والخازن.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٣٨


الصفحة التالية
Icon