صددهما عام وفي صدد حكاية ما كانت عليه حالة الأعراب من رغبة الابتعاد حين الخطر ورغبة الإقبال حين تكون المغانم والسلامة مضمونة. ثم في صدد إتاحة فرصة لهم بإثبات صدق إيمانهم في موقف ليس فيه غنيمة وإنما فيه خطر على ما شرحناه قبل.
ولذلك فإنه يخطر بالبال أن تكون رواية تأويل المغانم بمغانم خيبر هي من قبيل التطبيق لأنه لم يكن في زحف خيبر جماعة من هؤلاء المتخلفين. والله أعلم.
ولقد تعددت روايات المفسرين المعزوة إلى ابن عباس والضحاك وقتادة وسعيد بن جبير في المقصود بجملة قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ منها أنهم هوازن وثقيف. ومنها أنهم بنو حنيفة قوم مسيلمة. ومنها أنهم الروم والفرس. ومنها أن الجملة مطلقة لم تعن قوما بأعيانهم «١». ونرى هذا هو الأوجه والأقوال الأولى من قبيل التطبيق. والله أعلم.
والآيتان كالآيات السابقة لا تخلوان هما الأخريان مع خصوصيتهما الزمنية والموضوعية من صورة يتكرر ظهورها من فئات من الناس في كل ظرف حيث يبتعدون عن الخطر ويتوارون وقت الشدة والنضال ويعتذرون بالأعذار الكاذبة ثم لا يخجلون من المسارعة حين الأمن والسلامة إلى المطالبة بالغنم دون الغرم.
ولا تخلوان بالتبعية من تلقين جليل مستمر المدى بتقبيح هذه الصورة من جهة وبجعل إخلاص هذه الفئات وصدق دعواها منوطين بامتحان قوي يتحملون فيه الجهد والمغرم حتى يصح لهم أن يلتحقوا بزمرة الصالحين الصادقين ويكون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
هذا، ولسنا نرى في جملة سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ نقضا لما استنتجناه من تقريرات القرآن والسنة الثابتة وأوردناه في