تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ إلخ والآيات الخمس التي بعدها وما ورد في صددها من روايات وأقوال وما انطوى فيها من صور وتلقين
ولقد روى المفسرون «١» بطرق عديدة المناسبة التي نزلت فيها هذه الآيات.
ورواها البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود أيضا فاخترنا إيراد نصّهم حيث جاء فيه «٢» عن علي بن أبي طالب أنه قال: «بعثني رسول الله ﷺ أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجنّ أو لتلقينّ الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبيّ ﷺ فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممّن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبيّ فقال ما هذا يا حاطب؟ قال لا تعجل عليّ يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم. وكان المهاجرون لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني، فقال النبيّ ﷺ إنه قد صدقكم، فقال عمر دعني يا رسول الله فأضرب عنقه. فقال إنه شهد بدرا وما يدريك لعلّ الله عزّ وجلّ اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فنزلت الآيات» وفي رواية أوردها الطبري أن النبي ﷺ قال: «لا تقولوا له إلّا خيرا».
ولقد روى البغوي في تعريف المرأة خبرا فيه صورة طريفة حيث روي أنها مولاة لبني عبد المطلب قدمت إلى المدينة فسألها النبي صلى الله عليه وسلم: أمسلمة جئت؟
قالت: لا، قال: أمهاجرة؟ قالت: لا، قال: فما جاء بك؟ قالت: كنتم الأهل
(١) انظر الطبري والبغوي والزمخشري وابن كثير والخازن والطبرسي.
(٢) التاج ج ٤ ص ٢٣٣.


الصفحة التالية
Icon