عبد الرحمن بن عوف إنا نغيب يا رسول الله عن نسائنا ويكون لنا أضياف فقال ليس أولئك عنيت» حيث ينطوي في هذا توضيح نبوي لكون النهي إنما هو عن المواقف والحالات المريبة أو الداعية للفتنة والتهمة مما فيه كل الحكمة والسداد.
ولقد روى الطبري أيضا حديثا عن أميمة: «أنّ النساء بعد أن بايعن رسول الله ﷺ قلن يا رسول الله ألا تصافحنا؟ فقال إني لا أصافح النساء ما قولي لامرأة واحدة إلّا كقولي لمائة امرأة». ولقد روى البخاري والترمذي عن عائشة حديثا جاء فيه: «أنّ رسول الله ﷺ كان يبايع النساء بالكلام دون أن تمسّ يده يد امرأة» «١».
ولعلّ هذه الأحاديث هي مستند الذين يحرمون أو يكرهون مصافحة الرجال للنساء. وقد يكون الاستناد في محلّه. غير أن من الحق أن نذكر أنها لا تنطوي على ما يمكن الجزم به بأن ذلك كان حراما أو مكروها. والله تعالى أعلم.
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)
. (١) قد يئسوا من الآخرة: من المفسرين من أوّل الجملة بمعنى قد يئسوا من رحمة الله ورضائه وثوابه في الآخرة. ومنهم من أوّلها بمعنى قد يئسوا من أي احتمال للبعث الأخروي. وكلا التأويلين وجيه تتحمّله العبارة.
(٢) كما يئس الكفار من أصحاب القبور: بعض المفسرين أوّل الجملة بمعنى أن الأحياء من الكفار قد يئسوا من أي احتمال لبعث الذين ماتوا وصاروا أصحاب القبور. وبعضهم أولها بمعنى أن الأموات من الكفار يئسوا من أي بعث أخروي أو من رحمة الله ورضائه في الآخرة. والتأويلات الثلاثة وجيهة ومحتملة.
وفي هذه الآية نهي للمؤمنين عن موالاة أناس غضب الله عليهم فغدوا يائسين من رضاء الله في الآخرة أو ليس عندهم أي احتمال لبعث أخروي. وكان مثلهم في