في تفسير المنار وفي الإتقان للسيوطي «١» عن ابن الفرس. وصاحب تفسير المنار يسوغ الرواية ويقول إن معنى الآيتين لا يظهر إلّا في دعوة النبي ﷺ إلى الإسلام في مكة في أول زمن البعثة، وهناك رواية أوردها ابن كثير تفيد أن الآيتين كانتا منسيتين فألحقتا بآخر السورة ارتجالا. وكانت هذه الرواية مما قوى تسويغ صاحب المنار.
هذا في حين أن هناك روايات تذكر أن الآيتين هما آخر القرآن نزولا. وقد رجحنا أنهما جاءتا معقبتين على الآيات السابقة لهما استلهاما من فحواهما. وسنزيد الأمر بيانا في سياق تفسير الآيات.
والمتواتر اليقيني أن مصحف عثمان الذي هو أصل المصاحف لم يفصل بين سورتي الأنفال وهذه السورة بالبسملة أسوة بسائر السور. وقد روى الترمذي «٢» حديثا عن ابن عباس جاء فيه: «قلت لعثمان رضي الله عنه ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين «٣» فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال. فقال عثمان كان رسول الله ﷺ يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها «٤» فظننت أنها منها فقبض رسول الله ﷺ ولم يبين لنا أنها منها فلذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتها في السبعة الطوال». وهناك روايات أخرى في صدد ذلك. منها رواية عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه جوابا على سؤال سأله ابنه محمد مفادها أن هذه السورة نزلت بالسيف وأن البسملة أمان. ورواية عن أبيّ بن كعب أن النبي ﷺ كان

(١) الإتقان ص ١٦.
(٢) التاج ج ٤ ص ١١٢، ١١٣.
(٣) يسمى ما قلّت آياته عن المائة من السور ولم تكن من القصار بالمثاني، وما زادت آياته على المائة بالمئين.
(٤) أي فيها فصول مثلها من جهاد وعهد.


الصفحة التالية
Icon