ولقد روى الطبري عن حذيفة وزيد بن وهب في صدد وصف أئمة الكفر أن أهل هذه الآية لم يقاتلوا بعد. بحيث تفيد الرواية أنهم غير أئمة الكفر في زمن النبي ﷺ وأنهم جماعة آخرون يظهرون بعد. وروى الطبرسي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ هذه الآيات يوم البصرة الذي كانت المعركة فيه بينه مع أنصاره من جهة وبين عائشة وطلحة والزبير وأنصارهم من جهة ثم قال أما والله لقد عهد رسول الله ﷺ إليّ قال يا علي لتقاتلن الفئة الناكثة والفئة الباغية والفئة المارقة.
والرواية الأولى غريبة. وغير متسقة مع فحوى الآيات وسياقها حيث إنها تتحدث عن أمور واقعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. أما الرواية الثانية فالهوى الشيعي بارز عليها. وهي من نوع ما يرويه رواة الشيعة ومفسروهم على هامش الآيات القرآنية من روايات كثيرة بسبيل تأييد أهوائهم.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٧ الى ٢٢]
ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١)
خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)
. (١) يعمروا، وعمارة: هنا بمعنى الخدمة والصيانة وقيل إنها تعني كذلك كثرة الغشيان للمساجد.
(٢) شاهدين على أنفسهم بالكفر: بعضهم أوّل الجملة بأنهم الذين كانوا يعترفون بشركهم وكفرهم. وبعضهم أولها بأن كفرهم وشركهم بمثابة شهادة