عثمان بن شيبة. وقد كان من جملة تلك المناصب والمهام الرفادة واللواء والقيادة والسفارة والديات ورئاسة دار الندوة والأموال المحجرة والأعنة على ما ذكرته تلك الروايات. والسقاية هي تهيئة الماء الصالح للحجاج. والرفادة هي إكرام الحجاج وإطعام المحتاجين منهم. والديات هي جمع ما يترتب على قريش من الديات على ما يقع من بعض أفرادهم من جنايات الدم وفقا للتقاليد القبلية. واللواء هو عقد راية الحرب وتسليمها للقائد. والقيادة هي قيادة الحرب والحملات الحربية.
والسفارة هي القيام بالمفاوضات والصلات بين قريش والقبائل الأخرى لحلّ المشاكل التي تقوم بين الطرفين. والأموال المحجرة هي الإشراف على ما كان يوقف وينذر من أموال الكعبة والأصنام. والأعنة هي قيادة الخيل. وقد كان يتألف من أصحاب هذه المناصب مجلس له الكلمة والنفوذ. وكان يتولى أمور مكة العامة وسياستها ومصالحها ويجتمع في دار قرب الكعبة تسمّى دار الندوة.
وتروي الروايات أن هذه الأمور قد رتبت من قبل قصي بن كنانة أحد أجداد النبي ﷺ وأجداد الأسر القرشية التي تلتقي مع النبي ﷺ في النسب. ويخمن وجوده قبل الإسلام بنحو مائة وخمسين سنة حيث نبغ واستطاع أن يبسط حكمه على مكة.
ولقد أثر عن النبي ﷺ أنه قال في خطبته عقب فتحه مكة: «ألا إن كلّ مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلّا سدانة البيت وسقاية الحاج» وأنه أبقى مفتاح الكعبة مع عثمان بن طلحة وقال له: خذوها يا بني طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم وأبى أن يستجيب لعمّه العباس الذي طلب منه أن يجمع لبني عبد المطلب السدانة والسقاية. واكتفى بإقرار السقاية فيهم» «١».
ولعل اختصاص المهمتين بالذكر في الآيات بسبب ذلك بل ولعلّ هذا هو سبب الجدال حول ثواب ومنزلة من كان يقوم بهما عند الله وهو على شركه. والله أعلم.