برسول الله. وإنّ الشجاع منّا للّذي يحاذيه» «١».
وروى الشيخان عن أبي موسى قال: «لما فرغ النبيّ ﷺ من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد وهزم الله أصحابه.
قال أبو موسى: وبعثني النبي مع أبي عامر فرماه رجل جشميّ بسهم في ركبته فانتيهت إليه فقلت يا عمّ من رماك. فأشار إليّ فقال ذاك قاتلي الذي رماني فقصدت له فلحقته فلما رآني ولّى فاتبعته فجعلت أقول له ألا تستحي، ألا تثبت، فكفّ فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ثم رجعت لأبي عامر فقلت قتل الله صاحبك. قال فانزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء. قال يا ابن أخي أقرئ النبيّ السلام وقل له استغفر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس. فمكث يسيرا ثم مات فرجعت فدخلت على النبيّ فرأيته على سرير مرمل «٢»، وعليه فراش قد أثّر رمال السرير بظهره وجنبيه. فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال قل له استغفر لي فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهمّ اغفر لعبيد أبي عامر. اللهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس. فقلت ولي فاستغفر فقال اللهمّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما. قال أبو بردة إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى» «٣».
ونستطرد إلى ذكر فتح الطائف للمناسبة أيضا. ولقد كان ذلك بعد سنة من فتح مكة. وقد جاء أحد زعماء ثقيف عروة بن مسعود إلى النبي ﷺ فأسلم فاستأذنه في الذهاب إلى الطائف ليدعو قومه فأذن له. فلما وصل حيّا الناس بتحية الإسلام فاستنكروا فلما طلع الفجر أذّن للصلاة من فوق غرفة له فخرج الناس منكرين عليه ورماه أحدهم بسهم فانبرت عشيرته للمقابلة وكاد الشرّ يتسع بين الناس فقال رضي الله عنه تصدقت بدمي لأصلح بين الناس وهي كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها
(٢) مشدود بحبال الحصر.
(٣) التاج ج ٤ ص ٣٩٠.