الله وهو مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فأقبل حتى كشف عن وجهه ثم قبّله وقال بأبي أنت وأمي. أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا. ثم ردّ البردة على وجهه ثم خرج وعمر يكلّم الناس فقال: على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلّا أن يتكلّم، فأقبل على الناس فلما سمعوا كلامه أقبلوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم تلا قول الله: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) [آل عمران]. فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم. قال أبو هريرة: قال عمر: فو الله ما هو إلّا أن سمعت أبا بكر تلاها حتى عقرت ووقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله ﷺ قد مات. وقد تولى غسل النبي ﷺ عليّ بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن عباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله ﷺ رضوان الله عليهم. ولم يجردوه بتاتا بل أبقوا قميصه عليه وغسلوه من تحته. ثم كفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين «١» وبرد حبرة أدرج فيه إدراجا. ثم وضع على سريره. وأدخل الناس عليه للصلاة أرسالا. فصلّى عليه الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء ثم الصبيان. ولم يؤمّ الناس أحد. واختلفوا في محل دفنه فقال أبو بكر سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما قبض نبي إلّا دفن حيث يقبض» فدفن في بيت عائشة وسط الليل ليلة الأربعاء. وقد تولّى دفنه عليّ بن أبي طالب والفضل بن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله ﷺ رضوان الله عليهم.
وما تقدم كلّه مقتبس من ابن هشام. وكثير منه وارد في تاريخ الطبري. وفي هذا بعض روايات لم ترد في ابن هشام. وهي مسلسلة الرواة إلى أحد أصحاب رسول الله. من ذلك عن عائشة والفضل بن عباس أن رسول الله ﷺ اشتد به الوجع