[الْمَائِدَةِ: ٤٥]، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس قوله: وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى وذلك أنهم كانوا لَا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ، وَلَكِنْ يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةَ بِالْمَرْأَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، فَجَعَلَ الْأَحْرَارَ فِي الْقِصَاصِ سَوَاءً فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَمْدِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فِي النفس وفيما دون النفس، وجعل العبيد مستويين فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.
[مسألة] ذهب أبو حنيفة إلى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ لِعُمُومِ آيَةِ الْمَائِدَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَدَاوُدُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بن المسيب وإبراهيم النخعي وقتادة والحكم، قال الْبُخَارِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَيُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ، لِعُمُومِ حديث الحسن عن سمرة «ومن قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه، ومن خصاه خصيناه» وخالفهم الجمهور فقالوا: لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ لو قتل خطأ لم يجب فيه دية، وإنما تجب فيه قيمته ولأنه لا يقاد بطرفه ففي النفس بطريق الأولى، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بالكافر، لما ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم «ولا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَلَا يَصِحُّ حَدِيثٌ وَلَا تَأْوِيلٌ يُخَالَفُ هَذَا، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِعُمُومِ آيَةِ الْمَائِدَةِ.
[مَسْأَلَةٌ] قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ لِآيَةِ الْمَائِدَةِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لَا يُقْتَلُ بِهَا خَاصَّةً.
[مَسْأَلَةٌ] وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْجُمْهُورِ أن الجماعة يقتلون بالواحد، قال عمر فِي غُلَامٍ:
قَتَلَهُ سَبْعَةٌ فَقَتَلَهُمْ، وَقَالَ: لَوْ تَمَالْأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ. وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي زَمَانِهِ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَذَلِكَ كَالْإِجْمَاعِ، وَحُكِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُقْتَلُونَ بِالْوَاحِدِ، وَلَا يَقْتُلُ بِالنَّفْسِ إِلَّا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُعَاذٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ والزهري وابن سِيرِينَ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا أَصَحُّ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ أَبَاحَ قَتْلَ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَسَبِيلُهُ النَّظَرُ.
وَقَوْلُهُ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ يعني: فَمَنْ تُرِكَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ يَعْنِي أَخْذِ الدِّيَةِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ، وَذَلِكَ الْعَفْوُ، فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ يَقُولُ: فَعَلَى الطَّالِبِ اتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا قَبِلَ الدِّيَةَ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ يَعْنِي من