وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ: أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ فَتَذْهَبُ حَتَّى تُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ تُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ إِذَا لَمْ يُعَجِّلْ أَوْ يَقْنَطْ، قَالَ عُرْوَةُ: قُلْتُ: يَا أُمَّاهُ كَيْفَ عَجَلَتُهُ وَقُنُوطُهُ؟ قَالَتْ: يَقُولُ:
سَأَلْتُ فَلَمْ أُعْطَ وَدَعَوْتُ فَلَمْ أُجَبْ. قَالَ ابْنُ قُسَيْطٍ: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ كَقَوْلِ عَائِشَةَ سَوَاءٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ».
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أُبَيِّ بْنِ نَافِعِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنِي أُبَيُّ نَافِعِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن آية أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ قَالَ: «يَا رَبِّ مَسْأَلَةُ عَائِشَةَ» فَهَبَطَ جِبْرِيلُ فَقَالَ «اللَّهُ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ هَذَا عَبْدِي الصَالِحٍ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ وَقَلْبُهُ نَقِيٌّ يَقُولُ يَا رَبِّ فَأَقُولُ لَبَّيْكَ فأقضي حاجته» وهذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ وَتَوَكَّلْتَ بِالْإِجَابَةِ، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، أَشْهَدُ أنك فرد أحد صمد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ، وَلِقَاءَكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنْتَ تَبْعَثُ مَنْ فِي القبور».
وقال الحافظ أبو بكر البزار: وحدثنا الحسن بن يحيى الأزدي وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بن منهال، حدثنا صالح المدي عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ وَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَأَمَّا التِي لِي فَتَعْبُدُنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا وَأَمَّا التِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ شَيْءٍ وَفَّيْتُكَهُ وَأَمَّا الذي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلِيَّ الْإِجَابَةُ».
وَفِي ذِكْرِهِ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى اجتهاد فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ، بَلْ وَعِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ الطيالسي في مسنده: