بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً» ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ» فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، أَوْ قَالَ حَاجِبِي، فَقَالَ «يُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ «فَاحْلِقْهُ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسَكْ نَسِيكَةً» قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بدأ.
وقال أحمد «٢» أيضا: حدثنا هشيم، حدثنا أَبُو بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَاقَطُ على وجهي، فمر عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
«أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ» ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ.
وَكَذَا رَوَاهُ عَفَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ بِهِ، وَعَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى بِهِ وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعب بن عجرة، فذكره نَحْوَهُ، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ يقول: فذبحت شاة، ورواه ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بن قيس وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «النُّسُكُ شَاةٌ، وَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ، وَالطَّعَامُ فَرَقٌ بَيْنَ سِتَّةٍ» وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ومحمد بن كعب وعكرمة وإبراهيم وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالسُّدِّيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، أَوِ انْسُكْ شَاةً، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ» وَهَكَذَا رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ قَالَ: إِذَا كَانَ أَوْ فَأَيُّهَ أَخَذْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَحُمَيْدِ الأعرج وإبراهيم والنخعي وَالضَّحَّاكِ نَحْوُ ذَلِكَ.
(قُلْتُ) وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي هَذَا المقام، إن شاء صام وإن
(٢) المسند (ج ٤ ص ٢٤١). [.....]