قَالَ: هُوَ عُزَيْرٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ نَاجِيَةَ نَفْسِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبيد، هُوَ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، عمن لا يتهم عن وهب بن منبه، أنه قال: هو اسْمُ الْخِضْرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْيَسَارِيَّ الْجَارِيَّ مِنْ أَهْلِ الْجَارِ «١» ابْنَ عم مطرف، قال سمعت سلمان يقول: إن رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ اسْمُهُ حزقيل بن بوار. وَقَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ:
هُوَ رَجُلٌ مِنْ بني إسرائيل، وَأَمَّا الْقَرْيَةُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ، مَرَّ عَلَيْهَا بَعْدَ تَخْرِيبِ بُخْتَنَصَّرَ لَهَا وَقَتْلِ أَهْلِهَا وَهِيَ خاوِيَةٌ أَيْ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، مِنْ قولهم خوت الدار تخوي خويا.
قوله عَلى عُرُوشِها أَيْ سَاقِطَةٌ سُقُوفُهَا وَجُدْرَانُهَا عَلَى عَرَصَاتِهَا، فَوَقَفَ مُتَفَكِّرًا فِيمَا آلَ أَمْرُهَا إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِمَارَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها؟ وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ دُثُورِهَا وَشِدَّةِ خَرَابِهَا وَبُعْدِهَا عَنِ الْعَوْدِ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ: وَعَمُرَتِ البلاد بَعْدَ مُضِيِّ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ مَوْتِهِ، وَتَكَامَلَ ساكنوها، وتراجع بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْيَا اللَّهُ فِيهِ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُرَ بِهِمَا إِلَى صُنْعِ الله فيه: كيف يحي بَدَنَهُ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ سَوِيًّا (قَالَ) اللَّهُ لَهُ، أَيْ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ: كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قال: وَذَلِكَ أَنَّهُ مَاتَ أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ بَعَثَهُ الله في آخر النهار، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَاقِيَةً ظَنَّ أَنَّهَا شَمْسُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَقَالَ أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِيمَا ذُكِرَ عِنَبٌ وَتِينٌ وَعَصِيرٌ، فَوَجَدَهُ كَمَا تقدم لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ، لَا الْعَصِيرُ اسْتَحَالَ، وَلَا التِّينُ حَمِضَ وَلَا أَنْتَنَ، وَلَا الْعِنَبُ نقص وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ أَيْ كَيْفَ يُحْيِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْتَ تَنْظُرُ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ أَيْ دَلِيلًا عَلَى الْمَعَادِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها أي نرفعها، فيركب بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عن إسماعيل بن حَكِيمٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: كَيْفَ نُنْشِزُها بِالزَّايِ ثُمَّ قَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وَقُرِئَ «نُنْشِرُهَا» أَيْ نُحْيِيهَا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ تَفَرَّقَتْ عِظَامُ حِمَارِهِ حَوْلَهُ يَمِينًا وَيَسَارًا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ تَلُوحُ مِنْ بَيَاضِهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَجَمَعَتْهَا مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ تِلْكَ الْمَحِلَّةِ، ثُمَّ رَكِبَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى صَارَ حِمَارًا قَائِمًا مِنْ عِظَامٍ لَا لَحْمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَسَاهَا اللَّهُ لَحْمًا وَعَصَبًا وَعُرُوقًا وَجِلْدًا، وَبَعَثَ اللَّهُ ملكا فنفخ في منخري الحمار، فنهق بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِمَرْأَى من العزيز، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ هَذَا كُلُّهُ