رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سَرَّهُ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، فَلْيُيَسِّرْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ لِيَضَعْ عَنْهُ».
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ بُرَيْدَةَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ» قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ» قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ». ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ»، قَالَ: «له لكل يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ».
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الحارث بن ربعي الأنصاري. قال أحمد «٢» : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَكَانَ يَأْتِيهِ يَتَقَاضَاهُ فَيَخْتَبِئُ مِنْهُ، فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَخَرَجَ صَبِيٌّ، فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ هو في البيت يأكل خزيرة «٣»، فناداه، فقال: يَا فُلَانُ، اخْرُجْ فَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ هَاهُنَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا يُغَيِّبُكَ عَنِّي؟ فَقَالَ إني معسر وليس عندي شيء، قَالَ: آللَّهَ إِنَّكَ مُعْسِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى أَبُو قَتَادَةَ، ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ، أَوْ مَحَا عَنْهُ، كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا الْأَخْنَسُ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِبْعَيِّ بْنِ خراش، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَى اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عبيده يوم القيامة قال: ماذا عملت فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ:
مَا عَمِلْتُ لَكَ يَا رَبِّ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا أَرْجُوكَ بِهَا- قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- قَالَ الْعَبْدُ عِنْدَ آخِرِهَا:
يا رب إنك كنت أَعْطَيْتَنِي فَضْلَ مَالٍ، وَكُنْتُ رَجُلًا أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَحَقُّ مَنْ يُيَسِّرُ، ادْخُلِ الْجَنَّةَ»
.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، زَادَ مُسْلِمٌ:
وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ:
تجاوزا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عنه»
«٤».

(١) المسند (ج ٥ ص ٣٦٠).
(٢) المسند (ج ٥ ص ٣٠٨).
(٣) الخزيرة: لحم يقطع قطعا صغارا ثم يطبخ بماء كثير وملح، فإذا اكتمل نضجه ذرّ عليه الدقيق وعصد به ثم أدم بإدام ما.
(٤) صحيح البخاري (أنبياء باب ٥٤ وبيوع باب ١٨).


الصفحة التالية
Icon