حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ مُرْسَلًا «١» فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ- وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ- إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ فَسَكَنَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ فَسَكَنَتْ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا- فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا أَخَذَهُ رَفْعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ» قال: قد أشفقت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجْتُ حَتَّى لَا أَرَاهَا قَالَ «وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟» قَالَ لَا قَالَ «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن صالح، ويحيى بن بكير عن الليث بِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وَقَعَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ فيما رواه أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ أَشْيَاخَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثُوهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: أَلَمْ تَرَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ لَمْ تَزَلْ دَارُهُ الْبَارِحَةَ تُزْهِرُ مَصَابِيحَ قال «فلعله قرأ سورة البقرة» قال: فسألت ثابتا فَقَالَ: قَرَأْتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ» وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ إِبْهَامًا ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِهَا مَعَ آلِ عِمْرَانَ)
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا بشر بْنُ مُهَاجِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ولا يستطيعها الْبَطَلَةُ» «٢» قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ «٣» سَاعَةً ثُمَّ قَالَ «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ «٤» يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ «٥» أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ «٦» وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ:
هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بيمينه
(٢) لا يستطيعها البطلة: لا يقدر على تحصيلها المبطلون أو أهل الباطل. وفي صحيح مسلم: قال معاوية ابن سلام: بلغني أن البطلة السحرة.
(٣) مسند أحمد «مكث» وهو الصواب.
(٤) سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتها وعظيم أجرهما. [.....]
(٥) الغمامة والغياية بمعنى. وهما كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغبره وغيرهما.
(٦) الفرقان: الجماعتان أو القطيعان، واحدهما فرق. وقوله: من طير صوّاف، جمع صافة وهي من الطيور ما يبسط أجنحته في الهواء.