وَالْعَوْدَةِ وَالْكَرَّةِ. قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا شَدَّ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُحُدٍ فَهَزَمُوهُمْ دَخَلَ بَعْضُهُمُ الْمَدِينَةَ، وانطلق بعضهم إلى الجبل فوق الصخرة فقاموا عليها. فجعل الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ «إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ» فَذَكَرَ الله صعودهم إلى الْجَبَلِ، ثُمَّ ذَكَرَ دُعَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَابْنُ زيد. وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى: يَذْكُرُ هَزِيمَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي قَصِيدَتِهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ بَعْدُ لم يسلم التي يقول في أولها: [الرمل]
يَا «١» غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ | إِنَّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ |
إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى | وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ «٢» |
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا | جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ «٣» |
حِينَ حَكَّتْ بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا | وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ «٤» |
ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصَا | رَقَصَ الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ «٥» |
فَقَتَلْنَا الضِّعْفَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ | وَعَدَلْنَا مَيْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلْ |
(٢) القبل (بفتحتين) : المواجهة والمقابلة. يريد أن كل ذلك ملاقيه الإنسان في مستقبل أيامه.
(٣) الأسل: الرماح.
(٤) البرك: الصدر. استحرّ القتل: اشتد. عبد الأشل: أي بنو عبد الأشهل، فحذف الهاء.
(٥) الرقص (بالتحريك) : مشي سريع.
(٦) مسند أحمد ٤/ ٢٩٣).