سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أبي وقاص يَقُولُ: نَثُلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كنانته يوم أحد وقال «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ «١» : حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ بَعْضِ آلِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ، أَنَّهُ رَمَى يَوْمَ أُحُدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ سَعْدٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاوِلُنِي النَّبْلَ وَيَقُولُ «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِي السَّهْمَ لَيْسَ لَهُ نَصْلٌ فَأَرْمِي بِهِ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍّ قَالَ: رَأَيْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يُقَاتِلَانِ عَنْهُ أَشَدَّ الْقِتَالِ مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا بَعْدَهُ، يَعْنِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُفْرِدَ يوم أحد في سبعة من الأنصار، واثنين من قريش، فلما أرهقوه قَالَ «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ- أَوْ وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأنصار، فقاتل حتى قتل، ثم أرهقوه أَيْضًا، فَقَالَ «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ» فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبَيْهِ «مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٢» عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ نحو.
وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ أَخُو بَنِي جُمَحٍ قَدْ حَلَفَ وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيَقْتُلَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَتْ رسول الله حَلْفَتُهُ، قَالَ «بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، أَقْبَلَ أُبَيٌّ فِي الْحَدِيدِ مُقَنَّعًا وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ، فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، يَقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ، فَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْقُوَةَ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، مِنْ فَرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ وَطَعَنَهُ فِيهَا بِحَرْبَتِهِ، فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ عن فرسه، ولم يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ فَاحْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا أَجْزَعَكَ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ؟ فَذَكَرَ لَهُمْ قَوْلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَلْ أَنَا أَقْتُلُ أُبَيًّا» ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي بِي، بِأَهْلِ ذي المجاز لماتوا أجمعين، فَمَاتَ إِلَى النَّارِ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِنَحْوِهِ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ «٣»، قَالَ: لَمَّا أُسْنِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ، أدركه أبي بن
(٢) صحيح مسلم (جهاد حديث ١٠٠). [.....]
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٨٤.