[سورة النساء (٤) : الآيات ٧ الى ١٠]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠)قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجْعَلُونَ الْمَالَ لِلرِّجَالِ الْكِبَارِ وَلَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلَا الْأَطْفَالَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ الْآيَةَ، أَيِ الْجَمِيعُ فِيهِ سَوَاءٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، يَسْتَوُونَ فِي أَصْلِ الْوِرَاثَةِ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا بحسب ما فرض الله لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِمَا يُدْلِي بِهِ إِلَى الْمَيِّتِ مِنْ قَرَابَةٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ، أَوْ وَلَاءٍ، فَإِنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ هَرَاسَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ كُجَّةَ إِلَى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن لي ابنتين قد مَاتَ أَبُوهُمَا وَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ الْآيَةَ، وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ آيَتَيِ الْمِيرَاثِ بِسِيَاقٍ آخَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ الآية، قِيلَ: الْمُرَادُ وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ ذَوُو الْقُرْبَى مِمَّنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَلْيَرْضَخْ لَهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ نَصِيبٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاجِبًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ «١» : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ. قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. تَابَعَهُ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ قَائِمَةٌ يَعْمَلُ بِهَا، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ «٣»، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ، وقال ابن سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ وَمَكْحُولٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ، عَنِ اسْمَاعِيلَ بْنِ علية عن يونس بن عبيد عن ابن سِيرِينَ قَالَ: وَلِيَ عُبَيْدَةُ وَصِيَّةً فَأَمَرَ بِشَاةٍ فذبحت
(١) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ٣).
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٦٠٦.
(٣) تفسير الطبري ٣/ ٦٠٥.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٦٠٦.
(٣) تفسير الطبري ٣/ ٦٠٥.