بِحَبْلٍ مَنْ شَعْرٍ» «١» وَلِمُسْلِمٍ «إِذَا زَنَتْ ثَلَاثًا فليبعها في الرابعة»، وروى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَلَدْنَا ولائد مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا.
الْجَوَابُ الثَّانِي: جَوَابُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا تُضْرَبُ تَأْدِيبًا وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ طَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَعُمْدَتُهُمْ مَفْهُومُ الْآيَةِ، وَهُوَ مِنْ مَفَاهِيمِ الشرط، وهو حجة عند أكثرهم فقدم عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَهُمْ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم سئل عن الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ:
«إِنْ زَنَتْ فَحِدُّوهَا، ثُمَّ إِنَّ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة وأخرجاه فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: الضفير الحبل.
قالوا: فلم يؤقت فيه عدد كما أقت في المحصنة، وكما وقت في القرآن بِنِصْفِ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ- وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ عَلَى أَمَةٍ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ- أَوْ حَتَّى تُزَوَّجَ- فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ» وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بِهِ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: رَفْعُهُ خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ ابن خزيمة.
قالوا: وحديث علي وعمر قَضَايَا أَعْيَانٍ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ أَجْوِبَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ.
الثَّانِي: أَنَّ لفظة الحد في قوله «فليجلدها الحد» مقحمة مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ بِدَلِيلِ الْجَوَابِ الثَّالِثِ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا مِنْ حَدِيثِ صَحَابِيَّيْنِ وَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ، وَمَا كَانَ عَنِ اثنين فهو أولى بالتقديم مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ، وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ».
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَطْلَقَ لفظة الْحَدِّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْجَلْدِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْجَلْدُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَدٌّ، أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَةَ الْحَدِّ عَلَى التَّأْدِيبِ، كَمَا أَطْلَقَ الحد على ضرب من زنى