أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي «سَلْ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» «١».
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيْتُ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي. وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ عَلَى ذلك كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصَّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وهكذا- وَنَصَبَ أُصْبُعَيْهِ- مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيْهِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ «٢». قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُتُبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ الصالحين، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبُو حَمْزَةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ.
وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ بِشَارَةً مَا ثَبَتَ في الصحيح وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ، فَقَالَ:
«الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قال: إني لأحب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَأَرْجُو أن الله يبعثني معهم وإن لم أعمل كعملهم، قال الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فوقهم، كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ»، أَخْرَجَاهُ فِي الصحيحين من حديث مالك واللفظ لمسلم.

(١) صحيح مسلم (صلاة حديث ٢٢٥) وسنن أبي داود (تطوع باب ٢٢) وسنن النسائي (تطبيق باب ٧٩).
(٢) لم نقع عليه في مسند أحمد. والمثبت فيه حديث واحد لعمرو بن مرة الجهني ٤/ ٢٣١.
(٣) مسند أحمد ٣/ ٤٤٧. وفي إسناده بين ابن لهيعة وزبان: يحيى بن غيلان ورشدين بن سعد.


الصفحة التالية
Icon