حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ الطَّوِيلُ فِي عَدَدِ الأنبياء عليهم السلام: قال محمد بن حسين الْآجُرِّيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفِرْيَابِيِّ إِمْلَاءً فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانَيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ. قَالَ: «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَاسْتَكْثِرْ أَوِ اسْتَقِلَّ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُ؟ قَالَ: «مِنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قال: «طول القنوت» فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «فَرْضٌ مُجَزِّئٌ وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ». قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ وَسِرٌّ إِلَى فَقِيرٍ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ آيَةٍ مَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ «آيَةُ الْكُرْسِيِّ»، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذر، وما السموات السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» قَالَ: قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ كَثِيرٌ طَيِّبٌ». قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ أَوَّلَهُمْ؟
قَالَ: «آدَمُ» قُلْتُ: أَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، خَلَقَهُ اللَّهُ» بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، سواه قَبِيلًا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ: آدَمُ وَشِيثٌ وَخَنُوخُ وَهُوَ إِدْرِيسُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِقَلَمٍ، وَنُوحٌ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُودٌ وَشُعَيْبٌ وَصَالِحٌ وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ، وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَآخِرُهُمْ عِيسَى، وَأَوَّلُ الرُّسُلِ آدَمُ وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ» قَالَ: قلت: يا رسول الله، كم كتاب أَنْزَلَهُ اللَّهُ؟ قَالَ: «مِائَةُ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ، أنزل اللَّهُ عَلَى شِيثٍ خَمْسِينَ صَحِيفَةً، وَعَلَى خَنُوخَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً، وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ، وَأَنْزَلَ على موسى من قبل التوراة عشرة صحائف، وأنزل التوراة وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفَرْقَانَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ «كَانَتْ كُلُّهَا: يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنِّي لَا أَرُدَّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ، وكان فيها أمثال، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أن لا يَكُونَ ضَاغِنًا «١» إِلَّا لِثَلَاثٍ: تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ